وليد سلامة : حادثة التحرش في مدرسة " العبور " أزمة تربوية تحتاج تدخلا عاجلا

وليد سلامة : حادثة التحرش في مدرسة " العبور " أزمة تربوية تحتاج تدخلا عاجلا

أثارت حادثة التحرش داخل إحدى مدارس منطقة العبور موجة واسعة من الغضب المجتمعي، خاصة مع وقوعها في بيئة يفترض أن تكون الأكثر أمانًا للأطفال. تعكس الواقعة – التي طالت إحدى الطالبات داخل المدرسة – خللاً تربويًا وإداريًا خطيرًا يستوجب التوقف عنده وتحليله، ليس فقط لمعالجة الأزمة الحالية، بل لوضع إطار وقائي يحول دون تكرار مثل هذه الحوادث.

 

يؤكد وليد سلامة استشاري تربوي أن الحادثة ليست منفصلة عن سياقها، بل هي نتاج تداخل عدة عوامل ، أهمها ضعف الرقابة داخل المدرسة، سواء على حركة الطلاب أو على العاملين، ما خلق مساحة تسمح بوقوع التجاوز ،فضلا عن غياب آليات واضحة للإبلاغ والحماية، وهو ما يحد من قدرة الطلاب على طلب المساعدة فورًا ، هذا بجانب قصور في تدريب العاملين على التعامل التربوي والنفسي مع الأطفال، وعدم وجود ضوابط سلوكية صارمة ، وثقافة الصمت والخوف التي تمنع الطلاب أو أولياء الأمور من الإبلاغ المبكر عن أي سلوك مريب.

 

ويشير  وليد سلامة  إلى أن المؤسسات التعليمية يجب أن تُدار بمعايير تحمي الطفل أولًا، باعتبار أن «الأمان النفسي لا يقل أهمية عن الأمان البدني».

 

التأثير النفسي على الطفل… جرح أثره عميق لا يُرى

 

يوضح  وليد سلامة أن الأثر النفسي لحوادث التحرش غالبًا أخطر من تفاصيل الواقعة نفسها. فالطفل قد يشعر بالخوف، والارتباك، وفقدان الثقة في المحيطين به. ويتحول هذا الشعور – إذا لم يُعالج – إلى انسحاب اجتماعي ، وتراجع دراسي ، واضطرابات في النوم أو الشهية ، مشاعر ذنب غير مبررة ، لذلك يجب أن يكون الدعم النفسي الفوري جزءًا أساسيًا من خطة التعامل مع الأزمة، سواء عبر اختصاصيين نفسيين داخل المدرسة أو عبر مراكز دعم خارجية.

 

نصائح عملية لأولياء الأمور 

ويقول  وليد سلامة ، إنه انطلاقًا من الخبرة العملية والإنسانية في التعامل مع الأطفال وأُسرهم، هناك مجموعة من الخطوات الضرورية يجب اتباعها لتجنب التعرض لتلك الحوادث ، وهي  : 

 

الإصغاء لسلوك الطفل قبل كلماته: أي تغيّر حاد في النوم، الأكل، التبول اللاإرادي، نوبات غضب أو خوف مفاجئ من الذهاب إلى المدرسة، كلها إشارات تستحق التوقف وعدم تبريرها بأنها «دلَع» أو «مرحلة وتعدي».

 

فتح حوار آمن ولطيف: يجب أن يشعر الطفل أن والديه ملاذ آمن لا قاضٍ يحاكمه. الأسئلة يجب أن تكون هادئة، غير مُلحّة، وبعيدة عن التهديد أو التخويف، مع تأكيد أن قول الحقيقة لن يعرّضه للعقاب أبدًا.

 

تعليم الطفل قواعد الجسد والخصوصية: من حق الطفل أن يعرف مبكرًا أن هناك «مناطق خاصة» لا يحق لأحد لمسها تحت أي مبرر، وأن له الحق في قول «لا» بصوت عالٍ، وأن يبلغ فورًا الأم أو الأب أو الشخص الأكثر أمانًا له.

 

طلب المساعدة المتخصصة فورًا: في حال الاشتباه في أي اعتداء، لا يكفي الاكتفاء بالغضب أو نقل الطفل من المدرسة؛ يجب اللجوء لطبيب أو أخصائي نفسي للأطفال، إلى جانب اتخاذ الإجراءات القانونية الرسمية لحمايته وحماية غيره.

 

مسؤولية المدارس والإدارة التعليمية

واكد  وليد سلامة أن ما حدث يكشف بوضوح أن بعض مدارسنا بحاجة إلى مراجعة جذرية، لا تجميل شكلي. فالإصلاح الحقيقي يبدأ من:

 

منظومة انتقاء العاملين: لا بد من تدقيق حقيقي في الخلفيات الجنائية والسلوكية لكل من يتعامل مع الأطفال، من المدرس حتى عامل النظافة والأمن.

 

منظومة رقابة لا تعرف «المناطق الميتة»: وجود كاميرات مراقبة في كل المساحات المشتركة وأماكن عبور الأطفال، وحظر أي غرف مغلقة أو أركان معزولة خارج مدى الرصد.

 

تدريب العاملين على حماية الطفل: ليس كافيًا أن نطلب من المدرّس أن يشرح المنهج، بل ينبغي أن يتلقى تدريبًا دوريًا عن أسس التعامل مع الأطفال، وكيفية اكتشاف علامات العنف أو التحرش أو الإهمال.

 

تفعيل قنوات شكوى آمنة: أن تعرف الأسرة والطفل إلى من يلجآن داخل المدرسة عند حدوث انتهاك، مع ضمان السرية التامة، وعدم تعرّض المبلّغ أو الضحية لأي نوع من الانتقام أو الضغط.

 

وقال  وليد سلامة الاستشاري التربوي ، إن هذه الحادثة ليست ملفًا يطوى ببيان أو قرار إداري مؤقت، بل نقطة تحوّل يجب أن تدفع الدولة والمجتمع لإعادة بناء مفهوم «المدرسة الآمنة». الإصلاح المطلوب لا يقتصر على مدرسة بعينها، بل يشمل:

 

تشريعات أكثر صرامة في جرائم الاعتداء على الأطفال داخل المؤسسات التعليمية.

 

إلزام المدارس بخطط مكتوبة لحماية الطفل، وتقييم دوري يترتب عليه تجديد الترخيص أو سحبه.

 

إدماج ثقافة «حقوق الطفل» في المناهج والأنشطة، حتى يكبر الجيل الجديد وهو يعرف ما له وما عليه.

مقالات مشابهة

أضف عيادتك الآن مع أفضل أطباء مصر