في عالم يشهد تسارعًا تقنيًا مذهلًا، لم تَعُد عيادات الأسنان بمنأى عن هذا التطور ، فقد بدأ المسح الرقمي (Digital Scan) يُحدث ثورة حقيقية في طرق التشخيص والتركيبات السنية، ليحل تدريجيًا محل الطرق التقليدية القديمة التي طالما ارتبطت بمفاهيم مثل "المعجون"، "الانزعاج"، و"الانتظار الطويل".

وقد شهد مجال طب الأسنان في السنوات الأخيرة تطورًا تقنيًا ملحوظًا، أسهم في تحسين تجربة المريض وتسهيل مهام الطبيب على حد سواء.

ومن بين أبرز هذه الابتكارات، برزت تقنية المسح الرقمي (Digital Intraoral Scanning) كبديل حديث ودقيق لطرق أخذ المقاسات التقليدية التي ظلت تُستخدم لعقود.

المقاسات التقليدية: طريقة قديمة لا تخلو من التحديات

ويقول الدكتور أحمد أبو ريه أخصائي طب الأسنان إن المسح الرقمي داخل الفم ليس مجرد تطور تقني عابر، بل هو نقلة نوعية في طريقة تقديم الرعاية السنية ، فهو يُمثل مستقبل طب الأسنان الرقمي، ويُعزز من جودة الخدمات المقدمة للمرضى، ويوفر الوقت والجهد للطبيب والمختبر على حد سواء.

وأضاف ، لطالما اعتمد أطباء الأسنان على أخذ طبعات الأسنان باستخدام معاجين انطباعية (Impression Materials) توضع داخل قوالب معدنية أو بلاستيكية، تُدخل في فم المريض لعدة دقائق حتى تأخذ شكل الأسنان والأنسجة المحيطة ، مؤكدا أنه رغم أن هذه الطريقة كانت فعّالة نسبيًا، إلا أنها تحمل العديد من العيوب:

عدم الراحة للمريض ، حيث تسبب الغثيان أو الانزعاج، خاصة لمن يعانون من الحساسية أو الخوف من الإجراء.

احتمالية الأخطاء: مثل تحرك القالب أثناء التثبيت أو حدوث فقاعات هوائية تؤثر على دقة النموذج.

إعادة العمل ، في حال وجود خلل في المقاس، يتطلب الأمر إعادة الإجراء بأكمله.

الزمن الطويل ،  من إعداد المقاس إلى إرساله للمختبر وصناعة التركيبات، يستغرق وقتًا طويلًا.

المسح الرقمي: ابتكار جديد لراحة المريض 

وأشار الدكتور أحمد أبو ريه إلى أن تقنية المسح الرقمي داخل الفم هي أداة رقمية تُستخدم لتصوير الفم بالكامل باستخدام كاميرا صغيرة عالية الدقة ثلاثية الأبعاد (3D)، تقوم بتكوين نموذج رقمي للأسنان والأنسجة المحيطة بها خلال دقائق قليلة.

وأشارإلى أبرز مزايا هذه التقنية والتي تتمثل في : 

 راحة أكبر للمريض ، فلا حاجة إلى وضع مواد لزجة أو قوالب داخل الفم.

دقة أعلى ، حيث تلتقط تفاصيل دقيقة يصعب الحصول عليها بالطرق التقليدية.

 سرعة في العمل ، حيث يرسل النموذج الرقمي  مباشرة للمختبر أو آلة الطباعة ثلاثية الأبعاد.

 سهولة التعديل ، ويمكن تعديل أو إعادة تصوير أجزاء محددة دون الحاجة لإعادة الإجراء بأكمله.

 التوثيق والمتابعة ، حيث تُحفظ النماذج رقميًا، ما يُسهل الرجوع إليها لاحقًا لأغراض المتابعة أو المقارنة.

الاستخدامات السريرية للمسح الرقمي

وأكد الدكتور أحمد أبو ريه أن المسح الرقمي يستخدم  في عدد من الإجراءات الطبية داخل عيادات الأسنان، أبرزها:

تصميم وصناعة التيجان والجسور.

إجراءات زراعة الأسنان.

إعداد التقويم الشفاف.

مراقبة تطور حالة الأسنان عبر الزمن.

إنشاء سجلات رقمية دقيقة لملفات المرضى.

وذكر أنه وفقًا لدراسات حديثة، فإن معدل الخطأ في المسح الرقمي أقل بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بالمقاسات التقليدية، كما أنه يُحسن تجربة المريض ويزيد من رضاه العام عن الخدمة.